Monday, July 28, 2008

اليوم قُتل راكبي العبارة .. براءة ممدوح إسماعيل

مقدرتش أمنع شعوري بالغضب والاكتئاب وأنا أستقبل النهار أمس بخبر براءة ممدوح إسماعيل وكافة المتهمين في قصية العبارة عدا القطبان، الذي لم يعرف احد أين هو أساسًا ، وحُكم عليه بـ6 أشهر.. دماء 1033 لا تساوي شيء؟؟


لقد أصبحت من تابوهاتنا عدم التعليق على أحكام القضاء..


كلما صدر حكم قالوا لنا.. لا تعلقوا على أحكام القضاء .. إنه لا يخطئ.


القضاء هو الحصن الباقي ، فلا تخطئوا وتتناولوا حكم أصدره قاضي..


التعليق على أحكام القضاء عمل منافي لكل القواعد..


لقد أصبحت هذه الجُمل من المحفوظات حتى صرنا نرددها جميعًا .. ونصمت ولا نعلق على أحكام القضاء ، من منطلق يجب أن تبقى في جهة ما أمل؟؟ لا يمكن أن نفقد أملنا في الجميع ..


ولكن أليس في بعض أحكام القضاء أخطاء؟؟ ألا يوجد عشرات في السجون وهم مظلومين؟؟ ألا يوجد عشرات و ألاف خارج السجون وهم جناة وكل هؤلاء أدخلتهم و أخرجتهم أحكام قضاء؟؟!!


وهل القضاء منزه عن الخطأ؟؟ منزه عن أن يسقط بعض العاملين به في الهوة السوداء التي تسقط بها مصر كلها؟؟


هناك قضاه آية في الاحترام، فهؤلاء أحكامهم أصلاً لن تدفعنا لنعلق عليها.. وهناك قضاه مثال للشرف والأمانة أعطونا الأمل دائمًا هؤلاء نضعهم فوق رؤوسنا..


ولكننا لسنا حمقى .. عندما يكون الحكم خارج نطاق المنطق والمعقول، عندما يكون الحكم واضح وضوح الشمس و لا يحتاج للمزيد.. عندما يهرب المجرم ذاته وهو يعلم إنه مجرم ..


ثم يأتي حكم القضاء بالبراءة فهل يمكن أن نخرس ونردد الجملة المعتادة (لا يمكن التعليق على أحكام القضاء) فهذا الحكم لا يعلق عليه سوى بيت الشعر العبقري لأحمد مطر


"فواحدة تزفّ الشمس غائبة إلى الأعمى! ... وواحدة تُغطِّي الشمس طالعة بغربالك"


هذا الحكم لا يفعل سوى ذلك يحاول أن يغطي الشمس بغربال من الظلم بأسم حكم قضائي..


أين نجد دماء هؤلاء المصريين؟؟؟!!..


والله والله والله لم استطيع أن امنع دموعي ونشيجي وأنا أرى منظر أهل القتلى –نعم هم قتلى- بعد النطق بالحكم ..
لقد شعرت أن هؤلاء الناس صبروا وتصبروا رغم موت أبنائهم وآبائهم وذويهم طوال هذا العام ، متشبثين بالأمل في العدالة ، و متطلعين إلى حكم يبرد قلوبهم ويشعرهم أن أبنائهم لم يكونوا أدنى من البشر ليموتوا بلا دية..


وعندما نطق الحكم.. عندها فقط.. مات ذويهم حقًا..


لقد نعوا ذويهم و فقدوهم بحق لحظة النطق بذلك الحكم المشئوم


مات الأهل وسقط العدل وانزلقت مصر خطوة جديدة وربما أخيرة في منزلق الانحدار الأسود..


ولا نملك على ما يبدو وكالعادة سوى أن نبكي معهم ونقول البقاء لله .. في أهلهم وفي البلد..


شاهدوا الفيديو .. شاهدوه أرجوكم.. فلا أقل من أن نشاهده ونمتلئ غمًا وضيقًا و اكتئبًا.. فلا يمكن أن نضن حتى بذلك..


الفيديو من عند Tafatefo




Sunday, July 27, 2008

تضامنًا مع العمال المفصولين..لا لفصل وتشريد العمال

مهو مش معقول الناس الإيجابية لما تتحرك و تاخد موقف وتقول الحق يبقى الرد عليهم بأن عيشهم ينقطع وإحنا برضة نفضل سلبيين .. على الأقل نقول (لا) لقطع عيشهم وتشريدهم وخراب بيوتهم ..


لما العمال يعتصموا علشان حقوقهم ألي هي أصلاً حقوق بسيطة .. أبسط حقوق ممكن الإنسان أساسًا يطالب بيها ، ونتيجة لموقفهم ده يتفصلوا فصل تعسفي بالشكل ده ، يبقى نقول إيه؟!!.. مش كفاية ما يعانونه كمان يتفصلوا..


على الأقل على الأقل يعني نتضامن معهم ونقول إحنا كمان (لا) لفصلهم..


ومحدش أرجوكم يستخسر صوته و يقول ويعني تضامني أنا هيعمل أيه، لو كل واحد فينا مقلش كده هنبقى عشرات فمئات فآلاف وربما موقف بعد موقف نبقى ملاين الأصوات ونعمل حاجة بجد..


حملة التضامن مع العمال أدي وصلتها.. يا ريت الكل يتضامن..

Wednesday, July 9, 2008

عن فيلم (مملكة الجنة) والتاريخ

منذ عدة أيام أذاعت قناة الـ
MBC2 فيلم Kingdom of Heaven أو (مملكة السموات)
أو كما كان أسمه التجاري (مملكة الجنة)، لقد رأيت الفيلم من قبل على الكومبيوتر ولكن لدي مشكلة مع حجم شاشة كومبيوتري وضغط الأفلام ولذلك غالبا لا أستمتع تمامًا بالأفلام عند مشاهدتها عبر الجهاز مثلما استمتع على شاشة التلفزيون وأنا أشاهد الفيلم بصوره كبيره واضحة المعالم.. فوق ذلك فكون الآخرين –من أصدقائي- يشاهدوا الفيلم في نفس وقت مشاهدتي له يجعل مناقشة الفيلم عمل ممتع..

لذا لم أستطيع هذه المرة أن اكبت رؤيتي لفيلم وكالعادة كانت هناك ابتهال خلف أذني تحثني وتصمم على أن اكتب ما قلته –وغالبًا سيعتاد قراء المدونة أن ابتهال تقف دائمًا خلف أذني تحفزني وتحثني دائمًا على كافة الأمور من منطلق إنني صديقتها المتميزة وهو ما لا أراه في نفسي أساسًا (كوني متميزة ولكني صديقتها بتأكيد)- المهم دعونا من ذلك ولندخل عالم الفيلم على الفور..

القصة بتأكيد تتخذ الجانب الغربي لعرض قصة استعادة بيت المقدس ومعركة حطين ، فنجد أن القصة تتّبع حياة القائد (باليان أبلين) الذي قاد القوات الصليبية في محاولة صد صلاح الدين وقواته..

كحقيقة بسيطة في البداية فأسرة أبلين و ابنه منها بالتبعية أسرة مشهورة وعريقة منذ بداية الحملة الصليبية الأولى واحتلال القدس.. وقد كانت الأسرة هي الحاكمة لمدينة نابلس ، وكما عُرف في كثير من المراجع التاريخية فإن باليان كان ابن شرعي لوالدة وله أخ شقيق أيضًا كان له دور هامشي في التاريخ ، مما يتنافى مع رؤية الفيلم عن الحداد البسيط والابن غير الشرعي الذي أتى من فرنسا ليقيم مملكة الضمير ..

الفيلم في رأيي حاول أن يكون موضوعي بقدر استطاعته لدرجة قد لا نتخيلها من الغربيين مطلقًا فلقد تعودنا دائمًا على محاولات التشويه والعبث في التاريخ بصورة مسيئة لأي نجاح إسلامي عربي ، لذا أتى الفيلم مخالف لهذه النقطة في توقعنا ولكن للأمانة فلقد شعرت بأمرين هم أكثر ما أزعجني بالفيلم ..

أولاً تشتت الفيلم نفسه في نقل الأحداث و التنقل من منطقة لأخرى ومن مكان للأخر دون أي محاولات توضيحيه، على اعتبار أن المتفرج هو مؤرخ أو على الأقل قارئ جيد للتاريخ ، فلم يحاول أن يفسر له أي شيء وقد كنت أجلس مع مجموعة أصدقاء أثناء المشاهدة فكنت أراهم مشتتين لا يعرفوا من ذهب أين ومن أتى إلى أين وهو ما جعلني انتبه للأمر ..

الأمر الثاني هو محاولة صانعي الفيلم أن يجملوا الصورة الغربية ، بقدر ما يحسب لهم أنهم لم يحالوا تشويه الصورة العربية، بقدر ما يؤخذ عليهم محاولات تجميل الغرب أو عرض الحقيقة ولكن ليس (كل الحقيقة) جزء منها فقط.. وسأقوم بعرض بعض هذه النقاط..

- فنجد مثلاً شخصية مثل (تابريس) التي مثلها (Jeremy Irons) لم يكن لها وجود في التاريخ من الأساس ولكنها وضعت وضعًا لتكون هي المعادل الموضوعي -لتجميل الصورة الغربية- أمام شخصيات مثل (جي دي لوزينيان) و (رينالد دي شاتيون) .. فيكون (تابريس) هو الشخصية المحبة للسلام والطيبة مقابل الشخصيتان المتعصبتين و المتخذتان من الدين ستار لأغراضهما الشخصية..

هذه المحاولة لخلق التعادل و وضع شخصيات وهميه في أدوار هامه، أتت أيضًا في الجانب العربي في شخصية (المُلا) التي لعبها (خالد النبوي)، والتي حاولوا أن يظهروها كالشخصية الند لـ (رينالد و جي) فهو الشخصية العربية المتعصبة المحبة لسفك الدماء عامة -أو هكذا أردوها أن تظهر من وجهة نظرهم- وحتى الاسم نفسه الذي أعطى للشخصية يحمل من الدلالات الكثير بوضوح تام، وكون هذه الشخصية ليس لها وجود أيضًا في التاريخ .. فلقد شعرت بأن الأمر ممجوج ومبعثر و هو محاولات لحشو التاريخ بما ليس فيه لإخراج عِبر منه أي ما يشابه لي عنق التاريخ ..

وليس معنى هذا أن الجانبين لم يحووا نماذج كهذه .. فالحقيقة التاريخية تؤكد أن شخصيات كالملك المجذوم (الملك بالدوين الرابع) أو مثل (باليان أبلين) ذاته كانت شخصيات متعادلة وتحمل صفات خيره في بعض الأحيان و قد ذكرت بوضوح في التاريخ حتى لدى مؤرخينا العرب رغم اعتبارهم لهم أعداء بطبيعة الحال ولكنهم لم يتوانوا عن ذكر محاسنهم التي ظهرت في بعض المواقف بل و ثناء صلاح الدين ذاته على الملك المجذوم ومثابرته رغم مرضه وصغر سنه بعد هزيمته لصلاح الدين في معركة (الرملة) ، وكذلك وجود نماذج حقيقة سيئة لدينا مثل (سعد الدين كمشتكين) الذي أصبح نائب أمير حلب الملك (الصالح بن نور الدين محمود) ..وهو من النماذج التي وقفت ضد صلاح الدين نفسه وكانت بالفعل تـُغلب مصلحتها الشخصية على مصلحة الأمة ..

ولكن لسبب ما تجاهل (في حالة الشخصيات العربية) ولم يكتفوا (في حالة الشخصيات الغربية) صانعوا الفيلم -(ريدلي سكوت/وليام مونهان)- الشخصيات التاريخية ، وصمموا على حشر شخصيات يحملوا وجهة نظرهم هم..

- نعود مرة أخرى للأحداث لنكتشف أن (رينو دي شاتيون) أو (أرناط) كما كان يسميه العرب ، عندما حاول أن ينقض الهدنة التي تمت بين (بالدوين الرابع) و (صلاح الدين) فقد قام بمهاجمة قوافل الحجاج المسلمين و قوافل التجارة المسالمة بل وصل بهجومه إلى مشارف مكة ومشارف المدينة وقد قرر أن يستولي على الكعبة الشريفة وقبر الرسول ،وهو ما جعل صلاح الدين يراسل في بداية هذه الأفعال الملك (بالدوين) ويخبره أنه سيعتبر ذلك نقدًا للهدنة ،وحاول الملك أن يثني (أرناط) عن أفعالة ويجبره على إعادة ما سرقة من القوافل والاعتذار ، ولكنه فشل في ذلك نتيجة تكالب قوادة وتابعية وعلى رأسهم والدته لمنعه من معاقبة (أرناط) ، فشحذ صلاح الدين قواته وقد حاصر الكرك ثلاث مرات ، الأولى أربعين يومًا ثم عاد عنها لأنه لم يكن مستعدًا بأدوات الحصار الطويل والثانية كان مستعدًا بالمنجنيقات وقد ضرب القلعة بالفعل لفترة فأرسل (أرناط) يستنجد بملك القدس نفسه (بالدوين) و أمراء الفرنجة فقرروا الخروج لنصرته، وهناك بالفعل عاد صلاح الدين لأنه كان يخطط لمعركة أهم.. ثم عاد المرة الثالثة للكرك في طريقة إلى حطين ولكنه لم يفتحها وإنما واصل طريقة لمعركة حطين..

وهنا كما نرى لم يحدث مطلقًا هذه الصورة الرائعة التي وردت في الفيلم لملك القدس و هو يؤدب (رينالد دي شاتيون) .. بل تم خلط تاريخي غريب .. بين تأديب ملك القسطنطينية (مانويل الأول) لـ(رينالد دي شاتيون) عندما اضطهد أساقفة الكنيسة الشرقية في مدينة أنطاكية التي كان أمير عليها في بداية قدومه من فرنسا وبعد زواجه من أميرة المدينة (الأميرة كونستانس) و مهاجمته لمدينة قبرص التي تتبع القسطنطينية ، فجاء الملك (مانويل الأول) و حاصر أنطاكية التي كان يعتبرها تابعة للقسطنطينية وبذلك خرجت عن طوعه ..وقرر أخذها وتأديب (رينالد) حتى لو دك المدينة ذاتها تمامًا ..ومع استرحام الأميرة (كونستنس) له قرر أنه سيترك المدينة لو اعترف (رينالد) بذنبه ،وأدى طقوس التوبة بما تحمل من إذلال واضح ، وقد فعل (رينالد دي شاتيون) ذلك..وكان هذا قبل حتى تولي (صلاح الدين) السلطة، بل كان في عصر (نور الدين محمود) ..وهذه هي المرة الوحيدة تاريخًا التي تم بها تأديب (رينو دي شاتيون) .. لذا فمرة أخرى يظهر الفيلم ملك القدس بشكل بطولي لم يكن عليه بالفعل.

- ربما أنا المتعصبة للتاريخ زيادة عن اللازم ولكني اكره حشر ما لا يفيد في الأعمال التاريخية لمجرد الحشر ، فقصة الحب بين الأميرة (سبيلا) و بين (بالدوين) هي قصه حقيقية ولكن قد تم حشر أمور لم يكن لها وجود وتم تغير القصة ذاتها لمجرد وضع قصة حب ملتهبة بالفيلم ، فالأميرة (سيبيلا) هي بالفعل أخت (بالدوين الرابع) و ابنة الملك (عموري الأول/أملريك) وقد زوجها أباها بالفعل في سن الثانية عشر من عمرها عندما أكتشف أن أخاها مصاب بالجذام وذلك خوفًا من أن يموت أخاها فلا يجد وريث لعرشه ، ولقد أنجبت طفل ليرث العرش و لكن مات زوجها وفي هذه الفترة تعرفت الأميرة على (باليان أبلين) وكانت بينهم قصة حب وافق عليها ملك القدس (بالدوين الرابع) ولكن رفضتها والدتها نظرًا للخلافات العريقة بين أسرتها وأسرة (أبلين) ، وعندما تم أسر (باليان) في إحدى المعارك تزوجت الأميرة (سبيلا) من (جي دي لوزينيان) حتى يكون الوصي على طفلها الذي سيرث منها عرش القدس ويصبح هو ملك القدس بالتبعية ، وهو ما حدث بالفعل.. ولقد تزوج (باليان أبلين) بعد أن تحرر من الأسر و أنجب أطفال أيضًا ، كانوا في بيت المقدس أثناء فتحة ولقد سمح صلاح الدين لـ(باليان) بأن يخرج زوجته وأطفاله قبل بدء المعركة.. وهو بالطبع ما يفسد الصورة الرومانسية لقصة الحب بين (سبيلا) و (باليان) أثناء المعركة التي أوردها الفيلم.

- التجاهل التام الذي تم في الفيلم لمعركة تاريخية من أهم معارك التاريخ المشترك بين الشرق والغرب وهي معركة (حطين).. فقد تم في رأيي عمدًَا ما سبق الإصرار ، فكيف لا يتم تصوير معركة رائعة كهذه إلا بغرض عدم قول (كل الحقيقة) فأسوء ما يقدم بالفيلم –بالنسبة لهم- هو تصوير بطولي لانتصار المسلمين في معركة تاريخية وهو ما لم يستطيع صانعوا الفيلم تقديمه ، فبما أن (حطين) لم تكن ساحة جولات بعضها للمسلمين وأخرى للصلبين بل كانت جولة دائمة لقوات (صلاح الدين) انتصروا بها تمامًا على قوات الغرب المجمعة ، فلم يستطيعوا صانعي فيلم تقديم المعركة ، وهو التفسير الوحيد لتجاهل معركة هامة كهذه في خضم هذه القصة.. ولا يقول قائل أن كون (باليان ابلين) لم يشارك بها هو السبب لأنها بذلك ليست من أساس قصته ، فلو كان الهدف من القصة هو عرض بيوجرافي لحياة (باليان ابلين) فلما سمي الفيلم بـ(Kingdom of heaven) ولم يسمى (Balian Ibelin's live) .

- استفزتني للغاية لحظة قتل (رينالد دي شاتيون) رغم تقديمها تقريبًا كما حدث في التاريخ ،حتى تقديم الماء لملك القدس فقط الذي ناوله لـ(رينالد) وقول صلاح الدين انه لم يعطه الماء (ولتفسير هذا الجزء فلقد كان من عادات العرب القديمة في الحروب أنه إذا قدم العربي المنتصر الماء لخصمه فقد أعطاه الأمان ، لذا فلقد أكد صلاح الدين لـ(رينالد) أنه لم يعطه الماء أي لم يعطينه الأمان) ، ولقد قيل –وليس لدي تأكيد لصحة القصة- أن (صلاح الدين) سأل (رينالد) ("لو كانت المواقف معكوسة وكنت أنت المنتصر وكنت أنا الأسير مكانك فماذا كنت فاعلاً؟" فأجابه (رينالد) "كنت لأقتلك"، فرد عليه صلاح الدين بأنه "لقد حكمت على نفسك" ، ثم قطع رأسه) ، بصرف النظر عن ذلك فالفيلم قد أورد الواقعة الحقيقة لقتل صلاح الدين لـ(رينالد) ولكن .. ليفهمني احد ما هي الدلالة للقطة أخراج (المُلا) لسيفه كي يقوم (صلاح الدين) بقتل (رينالد)، ثم إعراض (صلاح الدين) عن سيف (المُلا ) واستخدام سيفه، بصراحة أجدها لقطه مفتعله للغاية هدفها فقط أن تقول (انظروا .. بصوا وشوفوا العرب برضه أهم عندهم متعصبين بيموتوا في سفك الدم زينا بالضبط في نفس الوقت) والحقيقة أن صلاح الدين في الفيلم أو التاريخ قد قتل (رينالد) بالفعل، يعني هو سيف (المُلا) هو ما يحمل الخطر؟؟ الحقيقة أنه حتى الرمز هنا أتى سخيف وكحشو ومحاولات للإسقاط من الحاضر على الماضي دون فائدة ببساطة لان الشخصية محشورة حشرًا بالفيلم، وروعة الإسقاط التاريخي من الماضي على الحاضر والعكس تأتي من كون الشخصيات حقيقة ومن كون التاريخ يعيد نفسه لنتعلم ، ولكن أن نضع نحن الشخصيات الوهمية في القصة التاريخية لنسقطها على الواقع ونتعلم منها فهو أمر غريب و غير مقبول في رأيي.


- طبعًا لن أتكلم عن المبالغة في إظهار قوة (باليان أبلين) أثناء المعركة وكأن المعركة متكافئة ، رغم كون ذلك غير حقيقي بالمرة ، فصلاح الدين كانت جبهته هي المتقدمة ،ولقد هدده بالفعل باليان بأن سيقوم بهدم الأماكن الإسلامية في المدينة (على عكس ما ورد في الفيلم من قول (باليان) بأنه سيهدم المواقع الإسلامية والمسيحية واليهودية أيضًا -في لقطة دس سم في العسل أوضح مما يكون-) ، فقرر صلاح الدين وقد كان بأماكنه أن يأخذ المدنية على الفور، بالاتفاق على أخذ المدينة بالأمان لأهلها ، على أن يدفع كل أسير رجل ثلاث دراهم و كل أمرآة نصف المبلغ كفدية وألا يأخذوا أي ذهب أو مقتنيات تعود إلى الأماكن المقدسة بالقدس ، ولقد قام صلاح الدين في النهاية هو وقواته بدفع فدية الفقراء من الفرنجة الذين لم يستطيعوا دفع فدية أنفسهم..

- يبقى فقط أخذي على صانعي الفيلم عدم الاهتمام بمظاهر إسلامية بشكل جيد، فلقد تكرر مرتين مثلا الصلاة أثناء الآذان وليس بعده و كذلك طريقة الصلاة الغريبة، واعتراضي هنا ليس لاعتباري أن هذا أهانه للدين الإسلامي كما قال البعض عند عرض الفيلم –فالدين لن يتأثر بذلك فهو تعبير عن جهل صانعي الفيلم وليس محاولة أهانه- ولكن لأن ذلك يعتبر تهاون في دراسة الشخصيات التي يقدموا الفيلم عنها ، فلقد أعتدنا من هوليود الدقة في التحضير لكافة أفلامها ،فلما دائما يـُلاحظ أنهم غير قادرين على الفهم الجيد لأي شخصية إسلامية أو عربيه يقدمونها ، ولقد كان الاستفسار عن نقطة كيفية الصلاة لدى المسلمين بسيطة تمامًا مع وجود ممثلين عرب ومسلمين في الفيلم و تصوير الفيلم في دول عربية.


في النهاية الفيلم كما قلت حاول أن يكون موضوعيًا ولكنه لم يستطيع أن يظهر حقيقة الغرب في هذه الفترة كاملة، حاول أن يضع الكثير من مساحيق التجميل لتكون صورتهم أكثر إشراقًا ، لقد قال الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة ولكنه لم يقل الحقيقة كاملة على طريقة القسم في أفلام المحاكمات الأمريكية ..