باراك أوباما ، جون ماكين.. المرشحين للرئاسة الأمريكية ، عن نفسي لا أستسيغ تحمس بعض العرب لأحدهم على الأخر، فنجد أن عرب كثيرين يتمنوا وصول أوباما للبيت الأبيض لاعتقادهم أن سياسته ستكون أكثر رفقًا بالعرب ..
والحقيقة أن هذا الأمر يثير أعصابي بشدة لسببين..
أولاً: أن سياسة الولايات المتحدة ثابتة مهما تغير الرئيس، ودعمها لإسرائيل ليس محل شك أو يمكن التقول فيه من قِبل أي رئيس، و لن تتخذ الولايات المتحدة (أيًا كان توجه الرئيس المتواجد في المكتب البيضاوي) موقف أكثر ميلاً للعرب على حساب إسرائيل مهما حلم الحالمون..
ثانيًا: اللهجة التي يتكلم بها هؤلاء تدلل على أنه لا أمل لنا في قليل من الاستقلالية والكرامة، اعلم أن هذا مبدأ الحكومات ولكن ما يغيظ أن يكون الشعب أيضًا قد أصبح يفكر على ذات الموجه، وكأنه يشحت ..
(حسنه قليله تمنع بلاوي كتير ، وهنيالك يا فاعل الخير والثواب، رئيس أمريكي يعامل البشر برحمة شوية يا ولاد الحلال، دول عاجزة بصر يا سيادنا ساعدوها يا ولاد الحلال)..
ما هذا الحديث الذليل الخانع ، الذي يتمنى الخلاص عن طريق رحمة الرئيس الأمريكي الذي إن شاء عطف على العرب والمسلمين وإن لم يشأ وراهم الويل و سواد الليل..
ما هذه النظرة الدونية التي ننظر بها لأنفسنا؟! ، وكيف يمكن أن يكون هناك أمل في أن نفوق لأنفسنا ونتطور وهذه هي طريقة تفكيرنا.
بصراحة ومن وجهة نظري الشخصية إنه ليس هناك أسوء من سيتي إلا سيدي ، و أوباما لو وصل للبيت الأبيض سيحب أن يثبت انه متعصب اتجاه العالم العربي أكثر من الجميع ، خاصة مع ما كان يدور حوله من حديث عن كونه عربي ومسلم..
أما ماكين فهو سيسير على ذات سياسات بوش إن لم يكن أسوء ..
فبين من يحاول العرب أن يختاروا؟؟!!
ولماذا يختاروا من الأساس؟؟!
بدلاً من أن يفكروا كيف يصيلوا لاختيار رؤسائهم هم، يفكروا ويحللوا ليختاروا رئيس يوافق هواهم للولايات المتحدة..
المصيبة إنهم يعلموا أن نظرتهم الدونية لأنفسهم هذه تنعكس تمامًا على نظرة الأخر لنا..
ببساطة لنأخذ هذا الموقف الذي كتبت عنه الصحف و وكالات الأنباء..
سيدة في أحد الحملات الانتخابية لجون ماكين ، وقفت لتقول له :
"أنا لا أثق بأوباما، فقد قرأت عنه.. وهو عربي."
حتى هنا وهذا متوقع وطبيعي ، الأمريكيين لا يصدموني عندما يتكلوموا هكذا -بعيدًا عن حرقة الدم الطبيعية من مثل هذا الكلام بالطبع- ولكن الإجابة الخارقة التي أجابها عليها ماكين سترفع ضغطك بتأكيد أضعاف مضاعفة.. لقد أجاب عليها بكل شمم وكبرياء..
"لا يا سيدتي.. إنه رجل أسرة محترم، ومواطن حدث أنني لا أتفق معه في بعض القضايا الجوهرية، وهذا ما تدور حوله الحملة الانتخابية.. إنه ليس كذلك.. شكراً لك."
يا نهار أسود!!!!!
يعني الراجل مستحملش حتى إن خصمه في الحملة الانتخابية (يتهم و يساء إلى سمعته ويزدرى) ويقال عنه إنه عربي أو مسلم؟!!!
إنه ليس كذلك!!!!
هذا ما قاله.. وكأنه يقول "إن أوباما لا يصل لهذا السوء لا تبالغي ، أو إن خصومتي مع أوباما شريفة لا يمكن أن اتهمه مثل هذه التهمة الحقيرة"..
الحقيقة أن مشكلتي ليست فيما قاله ماكين خاصة، رغم ضيقي الطبيعي منه، ولكني لا أعول لا على نظام أمريكي ولا على الأمريكان ولا أتوقع منهم أقل من هذا..
ما يضايقني إنه بعد كل هذا مازال يوجد بيننا من ينظروا لأمريكا والأمريكان على أنهم الخلاص المنتظر و دولة الأحلام، مازال هناك مواطنون مصريين وعرب يأملوا في رئيس أمريكي محدد يحمل لهم الخلاص لأنهم لا يريدون أن يتحركوا ويأتوا بالخلاص لأنفسهم..
بصراحة هؤلاء سيوصلونني يومًا لإحدى الراحتين:
إما اليأس (من أن يكون هناك أمل في أن تنبت لنا كرامة يومًا ونفوق لأنفسنا) ..
أو الموت (وبالطبع بارتفاع ضغط الدم مع كل هذا).